تقرير الدورة التكوينية الثالثة حول موضوع : قيم العيش المشترك داحل الجامعة مدخل للتربية على حقوق الانسان

 03 دجنبر 2024



تقرير الدورة التكوينية الثالثة: 

قيم العيش المشترك داحل الجامعة مدخل للتربية على حقوق الانسان

 

نظم المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية في إطار تنزيل الشراكة القائمة بين المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية الصندوق الوطني للديموقراطية NED لتنفيذ برنامج: "تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون".

بمعية شركائه الآخرين الدورة التكوينية الثالثة حول موضوع: قيم العيش المشترك داحل الجامعة مدخل للتربية على حقوق الانسان وذلك بتاريخ 03 دجنبر 2023 من تأطير الدكتور الجباري الكرفطي إسماعيل، عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة طنجة تطوان الحسيمة، ومحام بهيئة المحامين بطنجة  .  

ولتدريب الطلبة ومكونات المجتمع المدني لتحقيق تفاعل مختلف المكونات المؤسساتية يبقى للجامعة دور مهم باعتبارها فاعلا في المساهمة في نشر الوعي بثقافة حقوق الانسان وتعزيز قدرات استيعاب الطلبة للمعارف الأساسية للحقوق والحريات العامة ونشر القيم الاخلاقية للتسامح والحوار، وذلك للمساهمة في تقوية المنظومة الحقوقية الوطنية يأتي موضوع الدورة التكوينية " قيم العيش المشترك داخل الجامعة مدخل للتربية على حقوق الانسان   "

انطلقت أشغال الدورة التكوينية الثالثة بكلمة إفتتاحية الدكتور إبراهيم اشويعر الكاتب العام  للمركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية الذي عرف بداية بالمركز والهدف من انشاءه، ليشرح بعدها البرنامج المسطر للدورات التكوينية المزمع تنظيمها من طرف المركز.

ليمرر الكلمة للدكتور إسماعيل الجباري الكرفطي ، ليتناول المحاور المحددة في الدورة التكوينية.

يشهد العصر الراهن العديد من المتغيرات السريعة والمتلاحقة الناجمة عن الثورة العلمية والمعرفية، والتقدم في وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وما واكب ذلك من ظهور العولمة بمظاهرها المختلفة، وما نجم عنها من تحديات معاصرة لها بعض التداعيات السلبية، والتي تعانى منها كثير من المجتمعات، مثل انتشار العنف والتطرف، والإخلال بالحقوق والواجبات، وضعف التمسك بالقيم الوطنية الأصيلة وانتشار القيم الوافدة، وغيرها من المظاهر التي أضعفت قيم المواطنة والعيش المشترك .

أولا: قيم العيش المشترك مدخل لتعزيز التربية على حقوق الانسان

لقد أضحى إعداد المواطن الصالح المتمسك بقيمه وهويته الثقافية وثقافة التسامح الهدف الأسمى التي تسعى إليه التربية بكافة مؤسساتها وأنظمتها إلى تحقيقه، فالتربية  داخل الجامعة تسعى الى إعداد متعلم يمتلك السلوكيات والممارسات والمهارة التى تجعله مواطناً متفتح الذهن يعتز بوطنه، ويفهم التعايش المجتمعي ونشر ثقافة التسامح بين أطياف المجتمع ، بما يؤدى إلى تكوين شخصية تعى الصالح العام وتدرك حقوقها وواجباتها، وتتقبل الرأى والرأى الاخر.

وتأسيسا على ما تقدم أضحى التعليم العالي داخل الجامعة المغربية أحد المجالات المهمة في ترسيخ القيم المجتمعية، فهو يتعامل مع الناشئة في مراحل تشكيل شخصياتهم، لذا كان التعليم موضع اهتمام كل من يسعى إلى غرس أو ترسيخ قيمة ما في المجتمع، وإذا كانت التربية على التعايش المجتمعي ونشر ثقافة التسامح بين أطياف المجتمع تتم من خلال العملية التعليمية بمدخلاتها وعملياتها المختلفة، غير أن المعلم هو الذي يعطى الفاعلية لكافة عناصر العملية التعليمية، خاصة في مجال تشكيل وإنماء قيم المواطنة والتسامح لدى الطلاب، باعتباره قدوة ونموذجاً يحتذى به، والمنوط به القيام بأداء الأدوار التربوية من تدريس وتوجيه وإشراف على ممارسة الأنشطة وغيرها من الفعاليات التعليمية.

ثانيا: تدريب الطلبة حول اكتساب ثقافة احترام قيم العيش المشترك داخل الجامعة

إن السمة الرئيسة في تعريف كلمة التعايش ترتبط في علاقتها بكلمة الآخرين، والاعتراف بأن الآخرين موجودون، فالتعايش يعني التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر.

ودور المؤسسات التعليمية الجامعية في تعزيز التعايش المجتمعي دور كبير ومتعدد، وربما يعول عليه كثيرا لاسيما وأن تحقيق التعايش المجتمعي يعتمد بالدرجة الكبرى على مؤسسات التعليم بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني الأخرى كالأسرة والمسجد ووسائل الإعلام المتنوعة، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.

للمناهج الدراسية سواء كانت مدرسية أم جامعية دور واضح في تعزيز التعايش المجتمعي وتشكل القيم من خلال مواد العلوم الشرعية واللغة العربية والعلوم الاجتماعية وغيرها، مساهمة في تعزيز التعايش المجتمعي وتأكيداً لتفعيل دور المؤسسات التعليمية في تحقيق ذلك.

ومن أهم وسائل تعزيز التعايش المجتمعي عن طريق المناهج الدراسية أن تهدف في مجملها إلى تعميق قيم الانتماء وتعزيز التعايش والتسامح لدى جميع أفراد المجتمع، حيث أصبحت التنشئة الوطنية إحدى الضرورات الأساسية في هذا العصر لإيجاد إحساس عام بالالتزام والولاء للدولة والمجتمع. فالمناهج الدراسية يجب أن ينتج عن تدريسها سلوك إيجابي يتفاعل ليكون سلوكاً وممارسة وليس مواد نظرية تدرس بعيداً عن الواقع المعاش.

ومن جهة دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز التعايش المجتمعي : التنشئة الاجتماعية بمفهومها العام الذي يركز على نقل تراث المجتمع إلى أفراده بقصد المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفكرية والسياسية وغيرها، هذا المفهوم الواسع من أهم مقومات تعزيز التعايش المجتمعي. ومن أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأسرة التي من المفترض أن تقوم بدور مهم في تحقيق ذلك، فدور الوالدين في ذلك عظيم وجوهري، والمجتمع أيضا له دور إيجابي كبير في تعزيز التعايش المجتمعي وتأسيسه، وذلك من خلال العديد من مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى كالمسجد والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام التقليدية والجديدة وكذلك أماكن العمل التي تحتضن الشباب بعد إعدادهم من قبل تلك المؤسسات للمساهمة بدورهم في تنمية البلد في شتى المجالات تعزيزاً للتعايش المجتمعي.

اتجاهات تعليمية حديثة في تعزيز التعايش المجتمعي وتعزيز التربية على المواطنة الدولية

ومن الاتجاهات التربوية والتعليمية الحديثة التربية على المواطنة الدولية أو العالمية وقضاياها المهمة كالسلام والتعاون والتعايش الدولي وحقوق الإنسان والتوازن البيئي في تحقيق التنمية المستدامة والتسامح بين الثقافات، فالمواطنة العالمية هي المبنية على الاهتمام والولاء للهم العالمي والمشكلات العالمية، حيث فرضت المتغيرات الدولية نمطاً جديداً للتعاون والتفاعل مما استوجب مفهوماً جديداً للمواطنة يتجاوز الاختلافات التاريخية والخصومات الثقافية، فعولمة الأسواق أدت إلى توحيد المقاييس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلاقات الثقافية بين المجتمعات .

لذا فالتربية على المواطنة الدولية أو العالمية ترتبط بالتعليم العالي الذي يفتح عيون الناس وعقولهم على حقائق العالم والنقاش حول رؤية عالمية للتعليم من أجل المواطنة العالمية هو نقاش حول مختلف الحقائق في العالم، ولابد من التمييز بين المواطنة المحلية والمواطنة العالمية وقيمة توفر بعد عالمي للحصول على الهوية العالمية، مما يعني أن جميع البشر لهم بعض الحقوق الأساسية وجميع البشر عليهم واجبات نحو احترام وتعزيز هذه الحقوق. وفي الأدبيات العربية يرى أبو النصر أن الإنسان العالمي هو الذي يؤمن أن الأنسنة هي الميزة التي تربط وتشد الناس بعضهم إلى بعض، والتي تتخطى كل الحواجز السياسية والعرقية والأثنية والثقافية التي تحول دون تآخيهم وتعاونهم ويجسد ثقافة عالية شاملة جامعة تتناول مختلف نواحي المعرفة، لذا فالتربية على المواطنة العالمية تستخدم للإشارة إلى التربية الهادفة إلى التعاون والتفاهم والسلام بين الأمم على الصعيد الدولي والعلاقات الودية بين الأمم والشعوب ذات الأنشطة الاجتماعية والسياسية المختلفة.

ويمكن تحديد قضايا التربية على المواطنة العالمية في جميع القضايا المكونة لمحتوى البرامج التعليمية التي جاءت في توصيات المؤتمرات الخاصة بالتربية على مفهوم السلام والتعاون الدولي وحقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة التي حددتها اليونسكو في أربع ركائز هي الأمم المتحدة ودورها في حل المشكلات العالمية، وحقوق الإنسان، وثقافات البلاد الأجنبية، الإنسان والبيئة والسلام العالمي.

التعايش المجتمعي يعزز الشعور بالمواطنية العالمية ، وبلا شك فإن هناك إشكاليات كبرى بين تحقيق التوازن بين المواطنة المحلية والمواطنة الدولية أو العالمية، إلا أنه اتجاه تربوي وتعليمي حديث يستحق التأمل والنظر وسبر غوره وتسليط الضوء عليه وفتح آفاق حوله سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

التربية على القيم المشتركة للعيش وحقوق الانسان : التربية على القيم المشتركة وخاصة ما يتعلق بنشر ثقافة الحوار والتعايش المجتمعي والسلام والتسامح والاحترام المتبادل وقبول الرأي والرأي الآخر ونبذ الطائفية والعنف والكراهية والإرهاب من أهم الاتجاهات المستحدثة للتعليم حديثاً، فجميع الأديان والحضارات والثقافات تركز دوماً على التعايش المجتمعي والسلم الدولي وأيضاً التسامح وتحقيق العدل ورد الظلم والضيم، لذا فإن التربية على القيم بمختلف أنواعها منذ الصغر أفق آخذ في تحقيق مكاسب ومزيد اهتمام وتطبيق عملي وفعلي، فنشر ثقافة الاحترام المتبادل والتسامح فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، فالتسامح سلوك وموقف ليس دليل ضعف، بل هو من مقتضيات القيم ومتطلبات الالتزام بالمبادئ. فالغلظة والشدة والعنف في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، هي المناقضة للقيم، وهي المضادة لطبيعة متطلبات الحياة وهي دليل ضعف وخواء.

ولذا فإن التسامح الذي يقود إلى التعايش يؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي وتطوير أواصر وأسباب التعاون بين مختلف شرائح المجتمع، هو من صميم القيم النبيلة، وكل إنسان خالف ذلك، ومارس الغلظة والشدة في علاقاته الإنسانية والاجتماعية لدواعٍ مختلفة، هو الذي يحتاج إلى مبررات عديدة ومتنوعة لتبرير موقفه الغليظ، فالأصل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، أن تكون علاقات قائمة على المحبة والمودة والتآلف.

ثالثا: صور الدورة التكوينية






أحدث أقدم